الاثنين، 30 أبريل 2012

الـتـــاريـــخ يــعــود !

تـــــاريـــــــخ يـــعـــود


فضيلة الشيخ : صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –  

كان العرب في الجاهلية لا كتاب لهم ولم يبعث فيهم رسول منهم قال تعالى:  { وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ } ، فكانوا يعيشون تحت رحمة الدول من حولهم دولتي فارس والروم وفيما بينهم لا حكم يجمعهم ولا نظام يسيرون عليه إلا القبليات وأحكام الجاهلية، ولما بعث الله فيهم رسولا منهم وأنزل عليهم كتابا بلغتهم، قامت لهم دولة موحدة تحت حاكم واحد يحكمهم بكتاب الله، وتعلموا من كتاب الله العلم على يد رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى يد ورثته من بعده العلماء الربانيين قال الله تعالى: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } ، فسادوا العالم ودانت لهم الأمم وصاروا أساتذة العالم في العلم والعمل وقامت لهم حضارة وارتفع لهم كيان، وأقاموا العدل ونشروا العلم كما قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } ، فخلصوا المظلومين من ظلم الجبابرة وخلصوا العباد من عبادة الأصنام وغيرها إلى عبادة الله وحده لا شريك له: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } .

ولكن لما تنكروا لدينهم وفشت فيهم البدع والشركيات وتملكتهم الأطماع الشخصية واستوردوا نظم الغرب وسلوكياته وأخلاقه وغيروا وبدلوا غير الله عليهم { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } ، فانقسموا إلى شيع أحزاب {  كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } ، وسلط الله عليهم الكفار يوقدون الفتنة بينهم ويحرضون بعضهم على بعض ويخططون لهم المكر والغدر ويؤججون الخلاف بينهم ضاعت دولتهم الموحدة وصاروا إلى دول متفرقة تسيرهم الدول الكافرة تحت رغباتها وتطمع في خيرات بلادهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:  (( يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها )) ، قالوا: أمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: (( لا ؛ أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنتزع المهابة من قلوب أعدائكم ويلقى في قلوبكم الوهن )) ، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال:  (( حب الدنيا وكراهية الموت )) . 

وفي هذه الأيام لم يرصد الكفار ما عليه المسلمون مع ما فيه من ضعف وتفكك حتى يزيلوا دولهم نهائيا فأقاموا الشعوب على ولاتهم وأسقطوا دولهم وصاروا في مشاكل لا يستطيعون الخلاص منها إلا بالرجوع إلى الأصل الذي جمعهم وأعزهم ونصرهم وهو كتاب الله وسنة رسوله ليعود لهم عزهم وتقوم لهم دولتهم قال تعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ، { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ، كما قال الإمام مالك رحمه الله: ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح أولها ) ، وفينا من يزعم أن الإصلاح في اتباع ما عليه الغرب وهذا من انتكاس الفطرة فإن العرب لم ينالوا العز إلا بالإسلام، ويوم أن كانوا يسيرون خلف الغرب كانوا أذلة لا قيمة لهم بين الشعوب.

اللهم ردنا إلى الإسلام ردا جميلا واجمع كلمتنا على الحق، وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


كتبه

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء

1433-06-04هـ

الأحد، 22 أبريل 2012

تدليس الدجال الكبيسي على السلفيين في ليبيا


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين

أمـا بعـــد :

فقد انتشر تسجيل للضّال المضّل أحمد الكبيسي – أخزاه الله – و هو يتهجم على السلفيين في ليبيا على قناة دبي بسبب هدمهم للأضرحة التي تعبد من دون الله في ليبيا و تضمن كلامه كذب وتدليس وتلبيس فقمت باقتطاع كلامه و وضعت له الجواب المناسب في ظني على الأقل و إن كنت لأرجو أن يوجد رد أكمل من هذا و إن كان أمثاله لا يعبأ بهم وبطلان ما يأتوا به يغني عن إبطاله !

 

فإليكم التسجيل ويتضمن التالي :
1-     كلام الجويهل المتصوف أحمد الكبيسي
2-     المتصل الفاضل : صلاح من ليبيا ورده على كذب الكبيسي و زعمه أن الأفاضل إنما يهدمون زوايا القرآن ! ، و يتبين فيه سوء آدب الكبيسي مع المتصلين مرة أخرى !
3-     تخميس ( فأنا المقر بأنني وهابي ) والتي تكشف بجلاء حقيقة دعوة أهل السنة والجماعة في التوحيد و تتضمن الرد على من يلمزهم بالوهابية
4-     كلام الأفاضل في مصراته والأدلة العلمية التي ساقوها أثناء هدمهم لضريح أحمد البكر  أكبر أضرحة مصراته

لتحميل الملف الرابط التالي :

السبت، 21 أبريل 2012

المسلمون لا يفتخرون بأهل الجاهلية

المسلمون لا يفتخرون بأهل الجاهلية

بقلم : فضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز بغيره أذلنا الله ) فلا يجوز للمسلمين أن يفتخروا بأهل الجاهلية وهم من قبل الإسلام والجاهلية مذمومة وأهلها مذمومون – ولا يليق بالمسلمين أن يتركوا الاعتزاز بالإسلام والمسلمين ويذهبوا إلى الاعتزاز والافتخار بالجاهلية وأهلها ؛ لأن هذا إحياء للجاهلية التي أذهبها الله بالإسلام وأبدل المسلمين بخير منها – وكل ما نسب إلى الجاهلية فهو مذموم مثل : حمية الجاهلية ، وظن الجاهلية ، وتبرج الجاهلية ، وعزاء الجاهلية ، ودعوى الجاهلية ، وحكم الجاهلية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه )) و قال صلى الله عليه وسلم : (( لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا وإنما هم فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس من آدم وآدم خلق من تراب )) رواه الترمذي وحسنه وأحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة، وكل ما هو منسوب إلى الجاهلية فهو مذموم لا يفتخر به؛ لأنه إحياء لأمور الجاهلية وتناسي لنعمة الإسلام وما فيه من العز والكرامة : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: ٨] وقال تعالى: { وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران: ١٣٩] وقال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً } [المائدة: ٣] فما كان من عز وخير فهو في ديننا، لأن الله أكمله وأتمه ورضيه لنا وما سواه فهو ذلة ومهانة خصوصاً ما يرجع إلى أمور الجاهلية وأهلها، فالله قد أذهب عنا عبيتها وفخرها والعبية هي :الفخر والنخوة والكبر وإضافة هذه الأمور الجاهلية ذم لها وتحذير منها وكل الأمور المضافة إلى الجاهلية فهي مذمومة وإحياء لفخر الجاهلية وتمجيد رجالاتها، والتشبه بهم تنكر للإسلام وجحود لفضله وهذا كفران للنعمة ونسيان لأمجاد الإسلام ورجوع إلى الوراء.

وما عرف عن الجاهلية إلا التفرق والاختلاف والكفر والشرك وأكل الربا وأكل الميتات ووأد البنات والظلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ  في الإسلام سنة جاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه )) و قال صلى الله عليه وسلم: (( ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع )) وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: (تنقص عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية) فالذي يريد أن يجتر أمور الجاهلية ويعظم شخصياتها ويحتفل بها ويقيم لها المناسبات يريد أن يرفع ما وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم ويحيي عاداتها وتقاليدها. فلا يفتح هذا الباب الذي أغلقه الرسول صلى الله عليه وسلم. فيجب الأخذ على يديه لئلا يفتح على الناس شرا، ولما أراد يهودي أن يذكر الأوس والخزرج بما كان بينهم في الجاهلية من حروب بعدما من الله عليهم بالإسلام والائتلاف أنزل الله تعالى قوله: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } [آل عمران: ١٠٣] .

فالواجب أن نرفض أمور الجاهلية ولا نفتخر برجالاتها وشخصياتها؛ لأن ذلك من إحياء الجاهلية وموالاة الكفار فتصبح كل قبيلة تريد أن تحيي ذكر من ينتسبون إليهم من أهل الجاهلية من قبيلتها أو أهل بلدها فيعود إلينا التفاخر بالآباء ويحصل بيننا التفرق والاختلاف والانقسام والله قد جعلنا إخواناً في الإسلام لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: ١٣] ففخرنا وعزنا بديننا لا بأنسابنا ولا بآبائنا وقبائلنا ولا بأمجاد الجاهلية ومفاخرها – نسأل الله تعالى أن يبصرنا بدينه ويمسكنا به.

(رضينا بالله ربا والإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا)
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

الأحد، 15 أبريل 2012

إذا اتخذت السنة بدعة !


إذا اتخذت السنة بدعة



لبقية السلف : صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله –

أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قدم المدينة مهاجرا أنه بنى مسجده الشريف لأجل إقامة صلاة الجمعة والجماعة فيه لأجل اجتماع القلوب والأبدان بين المسلمين، وقد حث صلى الله عليه وسلم على حضور صلاة الجمعة والجماعة ورغب في ذلك لعموم المسلمين إلا من كان معذوراً بمرض ونحوه، وتوعد من تخلف عنها بغير عذر، قال صلى الله عليه وسلم:  (( من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر"، قيل وما العذر قال: "خوف أو مرض )) ، وقال صلى الله عليه وسلم:  (( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيها لأتوها ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )) متفق عليه ، ولأحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( لو لا ما في البيوت من النساء والذرية أقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون من في البيوت بالنار )) ، لذلك كان حرص الصحابة رضي الله عنهم على حضور صلاة الجماعة شديداً حتى قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام بالصف رواه مسلم وغيره ولا يستثنى إلا من له عذر في التخلف عنها وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين بالنفاق وتوعدهم بالعقوبة ومع هذا يأتي من يقول في بعض المواقع : إغلاق المحلات التجارية أثناء الصلاة بدعة، كما نقلت عنه جريدة الجزيرة في عددها الصادر بتاريخ 11 / 5 / 1433هـ

وأسمته: عبدالله العويلط وذكرت أنه باحث شرعي وعضو في هيئة التحقيق، و يا سبحان الله كأن هذا الباحث المذكور لم يقرأ قوله تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ } وقوله تعالى: { لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ } ، وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ } ، وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } ، قال الإمام بن كثير  رحمه الله أي يقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم، قال هشيم عن شعبان قال حدثت عن ابن مسعود أنه رأى قوماً من أهل السوق حيث نودي للصلاة المكتوبة تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة فقال عبدالله بن مسعود هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه { رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه } ، قال ابن كثير  و هكذا روى عمر بن دينار القهرماني عن سالم بن عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد (فقال عبدالله بن عمر فيهم نزلت: { رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه } فأين هذا من قول العويلط إن الإغلاق لم يفعل في صدر الإسلام ولم يكن اجبار عليه فهو مستحدث ولا أًصل له – أقول كيف مستحدثاً والرسول صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق بيوت المتخلفين عن الصلاة في الجماعة ووصفهم بالنفاق وكذلك ابن مسعود يقول: ( لا يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق )، وما ذكره ابن كثير في تفسيره عن السلف في تفسير قوله تعالى: { لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ }، وإنهم كانوا يغلقون حوانيتهم ويقبلون إلى الصلاة – إن البدعة في الحقيقة هي في هذا الكلام الذي قاله العويلط – هداه الله – ولكن كما جاء في الحديث أنه في آخر الزمن تتخذ السنة بدعة، والبدعة سنة. فلا حول ولا قوة إلا بالله وأخشى أن يكون الباحث العويلط في بحثه كما قيل في المثل يبحث عن حتفه بظلفه

فكان كعز السوء قامت بظلفها                            إلى مدية تحت التراب تثيرها

كما يرى العويلط أن الإغلاق للمحلات وقت الصلاة فيه ضرر على الناس وهذا من قلب الحقائق فإن الضرر يحصل في الاشتغال في المحلات وقت الصلاة وترك الذهاب إلى المساجد، والله تعالى قال في الذهاب إلى المساجد: { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، وقال سبحانه في ختام الآيات التي هي: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ }، وقال: { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، ففي هذا دليل على أن إعلاق المحلات لأداء الصلاة في المساجد سبب في نيل الرزق من الله، وقد قال سبحانه فيمن تلهيهم تجارتهم وبيعهم عن الصلاة في المسجد { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ }، فكيف تقلب الحقائق على يد العويلط – هداه الله – والآيات المذكورة عامة لأصحاب المحلات وغيرهم وعليه عمل المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا، فنحن على أثر السلف الصالح في هذا فلسنا مبتدعة.

موقع فضيلة الشيخ : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13886

الجمعة، 13 أبريل 2012

الشرك الخفيّ


قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : إنَّ تحقق القلب بمعنى « لا إله إلا الله » وصدقه فيها ، وإخلاصه بها يقتضي أنْ يرسخَ فيه تألُّهُ الله وحده ، إجلالاً ، وهيبةً ، ومخافةً ، ومحبَّةً ، ورجاءً ، وتعظيماً ، وتوكُّلاً ، ويمتلئَ بذلك ، وينتفيَ عنه تألُّه ما سواه من المخلوقين ، ومتى كان كذلك ، لم يبقَ فيه محبَّةٌ ، ولا إرادةٌ ، ولا طلبٌ لغير ما يُريدُهُ الله ويحبُّه ويطلبه ، وينتفي بذلك مِنَ القلب جميعُ أهواءِ النُّفوس وإراداتها ، ووسواس الشيطان ، فمن أحب شيئاً وأطاعه ، وأحبَّ عليه وأبغض عليه ، فهو إلههُ ، فمن كان لا يحبُّ ولا يبغضُ إلا لله ، ولا يُوالي ولا يُعادي إلا له ، فالله إلههُ حقاً ، ومن أحبَّ لهواه ، وأبغض له ، و والى عليه ، وعادى عليه ، فإلهه هواه ، كما قال تعالى : ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ . قالَ الحسن: هوَ الذي لا يهوى شيئاً إلا ركبه .

وقال قتادة: هوَ الذي كلما هَوِيَ شيئاً ركبه ، وكلما اشتهى شيئاً أتاه، لا يَحجزُه عن ذلك ورعٌ ولا تقوى. ويُروى من حديث أبي أمامة مرفوعاً « ما تحتَ ظلِّ السماء إلهٌ يُعبد أعظم عندَ الله من هوى متَّبع » .  وكذلك مَنْ أطاعَ الشيطان في معصية الله ، فقد عبده، كما قال الله – عز وجل -: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ . فتبيَّن بهذا أنَّه لا يصحُّ تحقيقُ معنى قولِ : لا إله إلا الله ، إلاَّ لمن لم يكن في قلبه إصرارٌ على محبة ما يكرهه الله ، ولا على إرادة ما لا يُريده الله ، ومتى كان في القلب شيءٌ مِنْ ذلك ، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ.ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى : ﴿  أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ﴾ قال : لا تحبُّوا غيري.

وفي صحيح الحاكم عن عائشة، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، قال: « الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله – عز وجل -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ﴾ ».[ضعفه الدارقطني، وشطره الأول صحيح ] وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله ، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى ، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ .

وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: « لا تزالُ لا إله إلا الله تمنعُ العبادَ مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله: كذبتم » [إسناده ضعيف] . فتبيَّن بهذا معنى قوله – صلى الله عليه وسلم -: « من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار » [إسناده صحيح]، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها   "

جامع العلوم والحكم” ( 2 / 626 (

نقلا عن مشاركة الأخ محمد جميل حمامي
في شبكة سحاب السلفية