الاثنين، 2 أبريل 2012

وصية منهجية لأبي مصعب مجدي حفالة


لتحميل المادة الصوتية قم بالضغط على الرابط التالي :


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد ..

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ، { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } ، { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } .

أمــا بعد :

فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى ؛ هدي محمد – صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة .

أيها الاخوة الكرام :

إن من أخطر ما يمر على المسلم صاحب السنة ، هو ما يكيده أهل الأهواء والبدع ذلك أنهم اتصفوا من زمن بعيد بالمكر والكيد لأهل السنة فهم على مر الأزمان كانوا يتخذون المكر و الحيل ، ويخادعون أهل السنة ما استطاعوا لذلك سبيلاً .

و في هذه الأزمان وما أشبه الليلة بالبارحة هم كذلك أيضاً ربما يتعايشون مع أهل السنة ويدّعون السنة و مع هذا فهم في حقيقة أمرهم حرباً على السنة .

وجه ذلك أولئك الذين يقررون قواعد كثيرة يخاصمون بها منهج أهل السنة بدعوى التأصيل وبدعوى أنهم يأصلون لهذا المنهج . من ذلكم القواعد أو من تلكم القواعد التي يقررونها قولهم أنهم لايلزمني تبديع فلان أو تضليل فلان ولأجل ذلك القول بعدم التزام تبديع العلماء لفلان يريدون أن يتفلتوا من هذا النقد وأن يتعايشوا مع الجميع وأن العالِم بشر يصيب و يخطئ ولاضير في أننا نقول هنا لسنا معاك ، وفي موضعٍ آخر نحن معه على جهة التشهي .

الحق هو أن ما حكم العلماء به على رجلٍ أو مقالةٍ أو جماعةٍ ، فإنما حكموا بحججٍ وبراهين { فاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ، ولم يكن سلف الأمة يتعاملون مع نقد علمائهم بمثل ما يقوله الآن الحلبي وغيره بقولهم " لم أقتنع ولا يلزمني" كانوا يسلمون لعلمائهم ولذا قرر الذهبي في ترجمة الحسن ابن صالح في سير أعلام النبلاء ترجمة أبي اصطلق الهروي قرر كلاماً فيه أن الأصل قبول قول العالِم لما قالوا " نحن نقبل من يحيى ابن معين " ما لم يتبين لنا وهى رجل قد وثقه أو قوة رجل قد وهاه ، فيه أن الأصل قبول قول العالم ولما مر عبد الله ابن عون أو مر الإمام أحمد على عمر ابن عبيد المعتزلي مر عليه أحدهم ليس الإمام أحمد مر عليه فقال : ( ما لك قد هجرك الناس ؟ ) ، قال : ( نهى الناس عني عبد الله ابن عون ابن ارطبان فانتهوا ) ، فيه التسليم لكلام العالِم وأن الناس تركوا المعتزلي عمر ابن عبيد بكلام العلماء وهنا ذكر كلام عبد الله ابن عون كذلك أيضاً لما تكلم الشوكاني في أدب الطلب ومنتهى الأرب حول الإمام أحمد قال وقد كان أحمد إذا تكلم في الرجل تبعه الناس ، ما قال قلده الناس ! .

تبعه الناس ، لأنهم يعلمون أن أحمد ابن حنبل إنما يتكلم بحجج و براهين وإذا جرّح رجلاً فإن جرحه لايكاد يندمل .

ففيه أن العلماء إذا تكلموا سلّم لهم الناس في نقدهم ولذلك هم يتكلمون عن خبرة و معرفةٍ بالرجال قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وقد كان أحمد من أعلم الناس بالطرائف و الرجال ) كذلك أيضا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الرجل ربما يكون خبيراً بالشر عالماً بأهله كما حصل لنُعيمٌ الحمّاد الخزاعي كان في أول أمره يقول بقول الجهمية ثم اشتدّ لما تاب اشتد عليهم وكان يقول : ( أنا أعلم بهم ) ، ولما حصل في موقف الحارث المحاسني لما ذُكِر عند الإمام أحمد وذُكِر تألهه وتخشّعه قال أحمد : ( أواه ذاك رجل لا يعرفه إلا من قد خبره ) دل ذلك على أن الخبرة بالرجال والطوائف و المقالات هذا ما لايتسنى لطالب العلم إدراكه لاسيما طالب العلم الذي تقل خبرته بطرق أهل الأهواء وحيلهم ومكرهم فهم يقررون قواعد مُجملة ربما يستحسنها الطالب وهي من الحق الذي يُراد به الباطل فكم قرروا من قواعد فيما مضى ( نصحح و لا نجرح ) .

يأتي أبو الحسن المصري يقول " ننظر في عبارة عدنان عرعور هذه ، إن كان يريد كذا فكذا ، وإن كان يريد كذا فكذا " . بينما لما عُرِضت هذه الكلمة أو هذه العبارة على جمع من الأئمة منهم الشيخ ابن عثيمين ، قال قاعدة مداهنة ، قاعدة مداهنة لم يقل لم يرد إن كان يريد كذا فكذا .

دل ذلك على أن مسألة النظر في العبارات ماتأول إليه لا يمكن إدراكها إلا بعد خبرةٍ ومعرفة بمقاصد القوم ولذلك الحزبيون يتخذون من الإجمال مركباً بتقرير قواعدهم لما قرر أبو الحسن المأربي مصطفى ابن اسماعيل في كتاباته أن المجمل يُحمل على المفصل في كلام الناس من أجل ماذا يقرر هذا ؟ من أجل أن يتفلّت سيد قطب ويتفلّت حسن البنّا ويتفلّت أيضا سلمان العودة ويتفلّت سفر الحوالي فإذا ما خاصمهم أهل السنة بالحجج والبراهين قال هذا مجمل يُحمل على المفصل وهذا الكلام ليس بحق فإن الإنسان يعتريه الخطأ و النسيان في مُجمل كلامه وتجري عليه البدعة والسهو و الباطل فليس بمعصوم .

من الذي مُجمله حق ومفصله حق ؟ هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ...

أقول إن هذه العبارات أو هذه القواعد التي يقررها أمثال أبي الحسن المأربي بحمل المجمل على المفصل في كلام الناس ؛ ليس له فيها برهان ، ذلك أن شيخ الإسلام إبن تيمية قال : ( ومن قال كلمةً تحتمل بدعة ، حكموا عليه بالبدعة ) مجملة يراد بها باطل .

ما كان العلماء يقولون نبحث عن مفصّلهِ ، إنما يحكمون على هذه اللفظة المجملة بحسبها ، إن كان خطأ فخطأ وإن كان بدعة فبدعة .

أما القائل فإنه ينظرون في حاله وعادته و عرفه إن كان من الأحياء ، إن كان صاحب سنة نبهوه على خطر هذا الإجمال ، وظنوا بمن كان طريقه السنة أنه يعود إلى الحق ولا يخاصم أهل السنة ولا يعاندهم ، ﴿ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً ﴾ العناد للحق من سبيل أهل الأهواء ، أما صاحب السنة فإنه يرجع إلى الحق وهو فرح به .

و إن كان من الأموات وقد أطلق لفظلة مُجملة متضمنة لمعنى باطل وقد علموا من طريقه وهديه وسيره ؛ السنة فإنهم يعتذرون له من لازم هذه اللفظة لكنهم لا يقبلون هذا المجمل ويحكمون عليه بحسبه .

إذا إطلاق أبي الحسن المأربي قاعدة حمل المجمل على المفصل في كلام الناس وتسوية هذا مع كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؛ قاعدة باطله يُراد من وراءها حماية أهل البدع و يُراد من وراءها أن يتفلّت أهل البدع من نقد أهل السنة .

فأنت من أين لك أيها الطالب أن تدرك أبعاد هذه الكلمات و هذه القواعد فهذه نصيحة لطلبة العلم الذين لم يسبروا غور هذه العبارات و هذه الإطلاقات ، فقولهم لا يلزمني نقول يلزمك الحكم . يلزمك الحكم الذي قاله العالِم لأنه أقامه على حجج وبراهين في كتبهم وأشرطتهم و مقالاتهم وعباراتهم يلزمه أن يتمسك بهذا الحكم ولا يخاصم أهل السنة .

فكم من شخص خاصم نقد أهل السنة فإذا به يقع في حبال أهل الباطل . هذا أبو الوفا إبن عقيل الحنبلي كان علماء السنة في وقته يمنعونه من حظور حلقات مشائخ الإعتزال وكان هو يتضايق من ذلك غاية التضايق و قد ذكر هذا الذهبي في سير أعلام النبلاء يقول : ( كان إخواننا من الحنابلة يمنعونني من حظور مجالس بعض الأشياخ وقد كانوا معتزلة ) ، قال الذهبي : ( قلت فلا يزال به حتى وقع في حبالهم ) نسأل الله السلامة .

فإذا العلماء إذا ما تصدوا لرجل ، إنما يتصدوا حماية للدين و هم يعلمون أن هذه القواعد تأول على هدم أصل عظيم وهو الجرح والتعديل . جرح من يستحق الجرح وتعديل من يستحق التعديل وهذا أصل عظيم قام به نبينا صلى الله عليه و سلم بل ربنا عز وجل قد جرّح أناسا ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ هذا جرح ، ﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴾ هذا جرح ، ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ هذا جرح . والله عز وجل هو الذي قرر جرح المجروحين وجاءت السنة أيضاً بجرح أهل الباطل : ( إن فلانا وفلانا لا يعرفون من ديننا شيئاً ) كذلك أيضا : ( إن أبا جهم لا يضع العصا على عاتقه ) ، ( معاوية صعلوك لا مال له ) وهذا فيه بيان الحال للأشخاص ، كذلك للمقالات لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يخرج من ضأضأ هذا قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم يقرأون القرآن لايجاوز حناجرهم ) هذا أيضا جرح للفرق والطوائف فقد جاء الإسلام بالجرح والتعديل ولاقوام لهذا الدين ولاتحقيق له إلا بهذا الأصل العظيم .

فهم لما كانوا مجروجين صاروا يأنون من هذا الأصل العظيم والكل يحاول دفعه .

إذا أردت أن تتكلم في الجرح والتعديل ، تتكلم في أمثال اليهود والنصارى عمرو ابن عبيد ، واصر ابن عطا لاتتكلم في أمثال سلمان العوده و سفر الحوالي وعائض القرني ولا سيد قطب أيضا فإن يحوون دائما على الدفاع على هذا الرجل و لو من طرفٍ خفي . فأنت لا بد أن تدرك أيضا أيها الطالب أنه لا سبيل لمعرفة هذا العلم الدقيق إلا بأن تعطي القوس إلى باريها ..

يا باريَ القوس بريا لست تحسنها **** لاتفسدنها واعط القوس باريها

فارجع بهذا الأمر إلى العلماء ولا ترجع به إلى طلبة العلم الذين قد تخفى عليهم كثير من غموض المسائل كمثل قولهم " الخلاف في الأشخاص لا يعد خلافاً منهجيا ً " الأشخاص يحملون مناهج ، كيف لايعد خلافاً منهجياً ؟ خلافنا في الأشخاص ليس خلاف عن دنيا ! ليس خلاف عن مال أو منصب ! هو خلاف في مسائل وقواعد شرعية ، فينبني على ذلك أن لا نتفق معهم في هذه القواعد فهذا الخلاف في الأشخاص يعد خلافا منهجيا لأن كل شخص يحمل منهجا ويحمل أصولا ويحمل قواعد وبالتالي تجد كثيرا من تلبيساتهم كمثل قولهم تجد في التراجم أن فلان ثقة ، تجد أنهم بدّعوا فلان وغيره يوثقه ولم يجروا هذا إلى خلاف أن يحكم هذا على من بدّعه بأنه غالٍ أو على من وثقه بأنه مميع هذا بعض تلبيساتهم والحق إذا تأملت في التراجم تجد أنهم يخرجون في باب السنة والبدعة بتسليم الأمر إلى العلماء فمن حكم عليه العلماء بالبدعة سلم الجميع ولاتكاد تجد خلافاً في هذا إلا من يعتقد أنه ربما تاب ، تجد يقولون فلان ربما تاب من بدعته أما إنهم يخاصمون عالِم سنة كمثل أحمد ابن حنبل أو يحيى ابن معين أو أبو اسحاق الفزاري مثلا أبو عبد الله المبارك لا يخاصمونهم في أحكامهم على المبتدعة ولذلك إذا قالوا لك يبدعون فلان وغيره يوثقه تأمل أنت هنا في الترجمة فتجد أنهم يوثقونه لضبطه يوثقونه لحفظه يوثقونه لعبادته لايوثقونه بالسنة وهذا ينبغي أن تتأمل أي أنك لاتجد من يقول فلان مبتدع فيقوم عالِم من علماء السنة يقول بل هو على السنة هذا لا تكاد تظفر به فالحذر من تلبيساتهم فإن القوم قد ألفوا التلبيس .

___________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق