السلفيون
بريئون من العمليات الإرهابية
الكاتب فضيلة الشيخ أحمد
بن يحيى النجمي – رحمه الله -
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد : فإنَّ الله أرسل رسوله بالهدى ، ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وإنَّ سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي ترجمة عملية لشريعة الله - سبحانه وتعالى - ؛ التي أوحاها إليه ، والتي أمره الله باتباعها في قوله تعالى : ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ . إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ .
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
ينهى عن الغدر
والخيانة ، ويأمر بالصدق والعفاف والأمانة ، فقد كان - صلى الله عليه وسلم ( إذا أمَّر
أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين
خيرا ، ثم قال : اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ، ولا
تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا )
. [ رواه مسلم ] ، وفي رواية الطبراني في " المعجم الصغير " برقم الحديث
: ( 340 ) : ( ولا تجبنوا ، ولا تقتلوا
وليدًا ، ولا امرأة ، ولا شيخًا كبيرًا ) . فحرَّم
الرسول - صلى الله عليه
وسلم - الغدر ، وحرَّم الخيانة - التي يستعملها الإرهابيون - ، وحرم قتل النساء ، والأطفال، والشيوخ ؛ الذين
لايستطيعون القتال ولا يُقاتلون ؛ حرَّم قتل هؤلاء
، وحرَّم الإفساد ، فالله - سبحانه وتعالى - يقول : ﴿
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ
بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ
الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
وأخبر أنَّه لا يحب المفسدين ، وأخبر
أنَّه لا يهدي
كيد الخائنين . وعلى هذه الطريقة سار أصحابه ، فكانوا إذا أتوا قومًا من الكفار يدعونهم إلى الإسلام أولاً ، فإن
أبوا وكانوا أهل كتاب دعوهم إلى الجزية ، فإن
أبوا أعلنوا لهم القتال ، وأخبروهم أنَّهم سيقاتلونهم ، فيقاتلونهم بعد الإعلان لهم ، أمَّا إذا كان الكفار وثنيين
فإنَّهم يخيرون بين الدخول في الإسلام أو القتال ،
ويقاتلونهم بعد إعلان القتال لهم .
أمَّا ما يعمله الإرهابيون في هذا الزمن
؛ الذين يلبسون
الأحزمة الناسفة أو يقودون السيارات المفخخة ، فإذا وجدوا مجموعة من الناس فجَّر اللابس نفسه أو فجَّر
سيارته ونفسه ، فهذا أمرٌ ينبني على الخيانة ، فالإسلام
بعيدٌ عنه كل البعد ، ولايقره أبدًا .
وإنَّ ما يُعمل الآن من الأعمال الانتحارية في بريطانيا أو غيرها من
البلدان ؛ إنَّما يعملها ويخطط لها التكفيريون الخوارج
؛ الذين ذمهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( يأتي
في آخر الزمان قوم
حدثاء الأسنان ؛ سفهاء الأحلام ؛ يقولون من خير قول البرية ؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق
السهم من الرمية ؛ لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم
أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة ) ، وصح عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - أنَّه قال : ( شرُّ
قتلى تحت أديم السماء ) .
وقال : ( خير
قتلى من قتلوه ) . وقال ( طوبى لمن
قتلهم أو قتلوه ) . وقال : ( أين
ما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجرًا
عند الله ) . وقال عنهم : ( كلاب النار )
. وقال : ( لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل
عاد ) . وفي رواية : ( قتل ثمود ) . وقال عنهم : ( أما
إنَّه ستمرق مارقةٌ يمرقون
من الدين مروق السهم من الرمية ثمَّ لا يعودون إليه حتى يرجع السهم على فُوَقِه )
. ومعنى مرق : خرج من الجانب الآخر ؛ والخوارج يمرقون من الدين ؛ أي يخرجون منه لا يعلق بهم منه شيء . وعلى
هذا فمن المعلوم أنَّ الإسلام بريءٌ من هذه التصرفات
الهوجاء الرَّعناء ، وإنَّه ليشجب فاعليها ، وينكر أفعالهم .
وإنَّ الذين يتهمون
السلفيين الذين يتبعون كتاب الله ، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم
- ويسيرون على نهج الصحابة ؛ إنَّ الذين يتهمونهم بالتفجيرات في
بريطانيا أو غيرها ؛ والتي
تشتمل على قتل الأنفس ، وإتلاف الأموال ، وإراقة الدماء ، وإخافة الناس ، والخروج على الدولة ؛ إنَّ الذين يتهمون
السلفيين بهذا هم الذين يفعلون هذه المناكر ،
ويريدون أن يلصقوها بغيرهم هم أصحاب " تنظيم القاعدة " ؛ الذين يتابعون أسامة بن لادن ، والمسعري ، وسعد الفقيه ،
وأمثالهم ، لأنَّ هؤلاء تربوا على كتب المكفرين من أمثال
: سيد قطب ، ومن معه في هذا المنهج الخاطئ الذين يكفرون أمَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بغير حق ؛ بل يكفرون
بالمعاصي ، والمعاصي لا يسلم منها أحد . والحقيقة
أنَّه لا يجوز أن نكفِّر أحدًا من المسلمين إلاَّ من كفره الله - سبحانه وتعالى - كالمشركين شركًا أكبر ؛ قال
الله - عز وجل - : ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ
وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ . وقال -
سبحانه - : ﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ
اللهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ . وقال -
سبحانه وتعالى - : ﴿ فَلاَ تَدْعُ
مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
. وقال - سبحانه وتعالى
- على لسان عيسى بن مريم أنَّه قال : ﴿ يَا بَنِي
إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللهَ
رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ
الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ .
هذه
هي الحقيقة التي لا يجوز لأحدٍ أن يحيد عنها ، ومن زعم خلاف ذلك من المكفرين ؛ الذين يكفرون الموحدين المصلين الصائمين
فهو مبطلٌ ، وداعٍ إلى الباطل ؛ هذه هي الحقيقة
التي لا يجوز الشك فيها ، ولا الميل عنها . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق